نساء الزلزال.. حكايات صمود عائلات كردستانية في زمن النسيان

نساء الزلزال.. حكايات صمود عائلات كردستانية في زمن النسيان
حاويات المتضررين من الزلزال في كردستان

رغم مرور ما يقارب ثلاث سنوات على الزلزال الذي ضرب سمسور ومرعش بكردستان في السادس من فبراير 2023، ما زالت الجراح مفتوحة، آلاف النساء ما زلن يعشن في حاويات ضيقة، يحاولن ترميم ما تبقى من حياتهن بين الغبار والبرد والذكريات الثقيلة.

الزلزالان اللذان بلغت قوتهما 7.7 و7.6 درجة على مقياس ريختر خلّفا دماراً واسعاً في شمال كردستان، خاصة في أنطاكيا وهاتاي، حيث سقط عشرات الآلاف من الضحايا، ورغم مرور الوقت، ما زالت المدن المهدمة تبدو كأنها خرجت تواً من تحت الركام وفق وكالة أنباء المرأة.

هاتاي.. مدينة تتنفس من بين الغبار

تحولت هاتاي إلى مدينة شبه ميتة. مبانٍ مهدمة، شوارع تغمرها الأتربة، ومشروعات بناء لا تنتهي، رائحة الغبار تملأ الهواء، والناس يتنقلون بين الحاويات والمخيمات، في انتظار وعود إعمار لم تتحقق بعد، السكان يشعرون أنه تم تركهم وحدهم في مواجهة النسيان.

أيفر أورديك.. أُمّ تصارع لأجل ابنتها

تعيش أيفر أورديك، البالغة من العمر 55 عاماً، في حاوية صغيرة مع إخوتها وأبنائهم، تروي معاناتها، فتقول إنها أمضت شهوراً طويلة في خيام قبل نقلها إلى "مدينة الحاويات"، تقول إن أكثر ما يؤلمها هو معاناة ابنتها التي أصيبت بمرض مزمن بعد الزلزال الذي ضرب كردستان.

تتابع أيفر حديثها بنبرة يختلط فيها التعب بالأمل الضعيف: "أعيش على معاش والدي التقاعدي، أحاول أن أكون سنداً لابنتي، لكن لا أعرف كيف أستمر، الذين انتقلوا إلى شقق هيئة الإسكان التركية يواجهون تكاليف لا نقدر عليها، وأنا أخاف من المستقبل، لقد صمدت كثيراً، لكنني وصلت إلى حد لا أستطيع تجاوزه".

بين الحاويات والبرد القارس

في الحاويات المعدنية التي تحولت إلى بيوت مؤقتة، تعيش مئات العائلات، امرأة فضّلت عدم الكشف عن اسمها تقول إنهم يعيشون في مساحة لا تتجاوز 21 متراً مربعاً، أشبه بقطعة بلاستيكية تحبسهم في الصيف والشتاء.

تقول وهي تنظر إلى أطفالها الذين يدرسون في ظروف صعبة: “الحرارة في الصيف لا تطاق، والبرد في الشتاء يخترق العظام، الكهرباء تنقطع باستمرار، والمياه تتسرب عندما تمطر، ومع ذلك لا مكان آخر نذهب إليه”.

إيلَيم حزمتشي.. عامان من الانتظار

إيلَيم حزمتشي، 47 عاماً، تمضي عامها الثالث في الحاوية ذاتها. كانت تعتقد أن الأمر مؤقت، لكنها وجدت نفسها عالقة في انتظار بلا نهاية.

تقول: "أمضيت عامين في الانتظار، لا أعلم إن كنت سأغادر أم لا، يقولون إننا سننتقل قريباً، لكن لا شيء يحدث، نريد فقط أن نعيش في منازل آمنة، في مكان نستطيع أن نسميه بيتاً".

رغم التعب والخوف، لا تزال النساء من ضحايا الزلزال في كردستان يتمسكن ببقايا الأمل، يرددن أنهن لا يحتجن معجزات، بل فقط حياة كريمة تليق بما قدمنه من صبر وصمود.

في كل حاوية، هناك قصة أمّ تحاول أن تبقي عائلتها متماسكة، قصص كثيرة تتكرر، مختلفة في التفاصيل، متشابهة في الألم.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية